أدي التوسع في قطاع التشييد و البناء سواء بين الأفراد او الشركات المتخصصة في عالم البناء الى الحاجة الماسة ” لعقد المقاولة ” و ذلك لغرض تنظيم العلاقة بين رب العمل و بين المقاول و المهندس المعماري، و حسناً فعل المشرع المصري في القانون المدني المصري من الزامه المقاول و المهندس المعماري بالضمان القانوني للمبنى الذي تم تشيده لمده عشرة سنوات و هو ما سُمى بـ(الضمان العشري).

و حيث نصت المادة 651/1 من القانون المدني على أنه “يضمن المهندس المعماري و المقاول متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلي أو جزئي فيما شيدوه من مبان أو أقاموه من منشآت ثابته أخرى و ذلك و لو كان التهدم ناشئا عن عيب في الأرض ذاتها، أو كان رب العمل قد أجاز إقامة المنشآت المعيبة، ما لم يكن المتعاقدان في هذه الحالة قد أرادا أن تبقى هذه المنشآت مدة اقل من عشر سنوات”.

فجعل المشرع مسئولية المقاول و المهندس المعماري مسئوليه تضامنية فيما يحدث من تهدم كلى أو جزئي للمبنى خلال عشره سنوات.

شروط الضمان القانوني أو العشري

و لكن هل للضمان القانوني أو العشري شروط لتحقق المسئولية المنصوص عليها في المادة – انفه البيان -؟

الشرط الأول:

من البديهي اولاً وجود عقد بين رب العمل و بين المقاول و المهندس المعماري فإذا تخلف عقد المقاولة فلا يلتزم المهندس المعماري قبل رب العمل بهذا الضمان، و إنما تخضع مسئوليته للقواعد العامة في المسئولية المدنية.

الشرط الثاني:

أما عن الشرط الثاني فهو ما نصت عليه المادة 651 في فقرتها الأولى تشيد مبنى أو إقامة منشآت ثابتة، فلا تخضع للضمان المنشآت الغير ثابتة و التي تكون قابلة للفك و التركيب، و يقصد بالمباني كل ما يرتفع فوق سطح الأرض من منشآت ثابتة من صنع الإنسان، بحيث يستطيع الفرد أن يتحرك بداخلها و توفر له حماية ضد المخاطر الناتجة عن المؤثرات الطبيعية الخارجية.

و أيا كانت المواد التي شيدت منها، سواء كانت بالطوب أو الحجارة أو الخرسانة أو البلاستيك أو حتى بالحصير و الأخشاب فالشرط أن يكون البناء ثابتا في مكانه لا يمكن نقله دون تلف أو هدم.

و لم تحدد المادة السالفة غرض المبنى فيستوى في ذلك أن يكون معد للسكنى أو لمباشرة نشاط تجاري أو صناعي أو إداري أو ترفيهي مثل النوادي و الملاهي، كما ينص المشرع على ضمان العيوب التي يترتب عليها تهديد متانة البناء و سلامته حيث تنص المادة 651 في الفقرة الثانية على أنه “و يشمل الضمان المنصوص عليه في الفقرة السابقة ما يوجد في المباني و المنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء و سلامته”.

فيجب أن يكون العيب من الخطورة بحيث يهدد سلامة البناء أو متانته، و أن يكون العيب خفياً.

و قد قضت محكمة النقض في ذلك:

“إن عقد استئجار الصانع لعمل معين، بالمقاولة على العمل أو بأجرة معينة على حسب الزمن الذي يعمل فيه أو العمل الذي يقوم به، يعتبر بحسب الأصل منتهيا بانقضاء الالتزامات المتولدة عنه على الصانع و رب العمل بتسلم الشيء المصنوع مقبولا و قيام رب العمل بدفع ثمنه، لكن القانون المصري على غرار القانون الفرنسي قد جعل المقاول و المهندس ضامنين متضامنين عن الخلل الذي يلحق البناء في مدة عشر سنوات و لو كان ناشئا عن عيب في الأرض أو عن إذن المالك في إنشاء أبنية معيبة، بشرط ألا يكون البناء في هذه الحالة الأخيرة معدا في قصد المتعاقدين لأن يمكث أقل من عشر سنين (المادة 409 من القانون المدني المقابلة للمادة 1792 من القانون الفرنسي)، فبذلك مد القانون ضمان المقاول و المهندس إلى ما بعد تسلم المباني و دفع قيمتها على خلاف ما يقتضيه عقد المقاولة من انقضاء الالتزام بالضمان بتسلم البناء مقبولا بحالته الظاهرة التي هو عليها، و يجب لقبول دعوى الضمان هذه أن يكون العيب المدعى في البناء خللاً في متانته، و أن يكون خفيا بحيث لم يستطع صاحب البناء اكتشافه وقت التسليم، أما ما كان ظاهرا و معرفا فلا يسأل عنه المقاول مادام رب العمل قد تسلم البناء من غير أن يحتفظ بحق له”.

(طعن رقم 57 لسنة 8 ق جلسة 5/1/1939)

و يثور التساؤل هل عيوب التربة تعفي من المسئولية؟

وفقا لنص المادة 651 الفقرة الأولى لا يعتبر عيب التربة سببا أجنبيا لإعفاء المقاول و المهندس المعماري من المسئولية، ذلك لأن بوسع المقاول بل هو من صميم أعماله القيام مسبقا بالاختبارات الفنية للتأكد من صلاحية التربة للبناء عليها، و بالتالي فإن حدوث هبوط للأرض التي شيد عليها البناء بفعل الأمطار و لو كانت أمطارَا استثنائية لا يعتبر قوة قاهرة، لأن مثل هذه الأمطار تعتبر أمراَ متوقعاَ و كان بالوسع اتخاذ الاحتياطات اللازمة لذلك.

فماذا عن التعلية على أبنية قديمة، فإن العيوب الموجودة في المبنى القديمة لا تعتبر سببَا أجنبيَا يستطيع به المقاول دفع مسئوليه، إذ كان بالوسع فحصها و كشف ما بها من عيوب، و يقوم هذا الحكم على القياس على الحكم المقرر بخصوص عيوب التربة.

هل يعفي من المسئولية خطأ مالك المشروع؟

لا يعتبر خطأ مالك المشروع سببَا أجنبيَا للمقاول أول المهندس المعماري، إلا إذا توافرت فيه خصائص السبب الأجنبي، فلا يعفى المقاول و المهندس المعماري من المسئولية إدا قاما بتنفيذ تعليمات خاطئة من رب العمل أو تدخل هذا الأخير في أعمال البناء، بفرض مواد رديئة استخدمت في أعمال البناء.

و يثور أيضا التساؤل هل يلتزم المقاول من الباطن بالضمان القانوني؟

فقد نص المشرع على عدم سريان الضمان على المقاولين من الباطن في الفقرة الرابعة من المادة 651 مدني على أن “و لا تسرى هذه المادة على ما قد يكون للمقاول من حق الرجوع على المقاولين من الباطن”، فإذا تعاقد المقاول الأصلي مع مقاول من الباطن على أن يقوم الأخير ببعض الأعمال كالأعمال الصحية و النجارة، فلا يكون المقاول من الباطن ملتزما بالضمان نحو المقاول الأصلي أو نحو مالك المشروع إلا بمقدار ما تقضى به القواعد العامة.

فكما ذكرنا في البداية وفقا لنص المادة 651 الفقرة الأولى من القانون المدني أن مدة الضمان ضد التهدم الكلى و الجزئي، و ضمان عدم وجود عيوب تهدد متانة البناء و سلامته هي عشر سنوات و هذه المدة مدة اختبار لسلامة البناء و ليست مدة تقادم و بالتالي لا يرد عليها الوقف أو الانقطاع.

فماذا يبدأ سريان الضمان؟ و متى ترفع دعوى الضمان؟

يبدأ سريان مدة الضمان من تاريخ قبول مالك المشروع للبناء دون تحفظ، فإذا حرر محضر بذلك احتسبت هذه المدة من تاريخ تحرير المحضر، فإذا لم يحرر محضر بذلك تحتسب المدة من تاريخ تسلم مالك المشروع للبناء أو من تاريخ شغله له، فإذا لم يوجد محضر و لم يثبت تاريخ شغل رب العمل للبناء، احتسبت المدة من تاريخ تسوية الحساب مع المقاول.

أما عن ميعاد رفع دعوى الضمان، فيجب رفع دعوى الضمان خلال ثلاث سنوات من تاريخ حصول التهدم أو اكتشاف العيب و إلا سقطت دعوى الضمان أو حسب ما قررته محكمة النقض فإن رفع الدعوى قبل مضى هذه المدة شرط لسماع دعوى الضمان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *