يتطلب التعاقد بين طرفين -في أحيان كثير- تقديم أحدهما ضمان للأخر للوفاء بالتزاماته المتفق عليها، خاصةً إذا قدم أحدهما دفعة مقدمة للأخر، فكيف سيضمن من دفع الدفعة المقدمة قيام المتعاقد الأخر بتنفيذ الالتزام المتفق عليها (خاصة في التعاقدات المرتبطة بالتوريدات و المقاولات بأنواعهم المختلفة).

هنا يبدأ دور خطاب الضمان المصرفي كأحد الوسائل التي يضمن بها المتعاقد – الذي دفع دفعة مقدمة – تنفيذ المتعاقد الأخر لالتزاماته بالكيفية و في المدة المتفق عليها. وي مكننا تسمية المتعاقد الذي دفع الدفعة المقدمة بالمالك أو المستفيد، و تسمية المتعاقد الذي قبض الدفعة المقدمة بالمقاول أو الآمر.

فعندما يرغب المالك في التعاقد مع مقاول لبناء مبنى أو القيام بعملية توريد لمنتج – مثلاً- فسيقوم المالك بدفع دفعة مقدمة للمقاول للبدء في التنفيذ، و عندها سيحتاج المالك إلي ما يضمن قيام المقاول بتنفيذ التعاقد بل سيحتاج المالك إلي وسيلة سريعة لتنفيذ ذات التعاقد دون أن يتكبد دفعة مقدمة أخرى لمقاول أخر حال تقاعس المقاول عن ذلك.

هنا يأتي دور خطاب الضمان ليوفر للمالك وسيلة رئيسية و مهمة لسرعة استرداد الدفعة المقدمة – حال تقاعس المقاول عن التنفيذ- لكي يقوم المالك باستبدال المقاول بأخر لتنفيذ المشروع أو لاستكمال ما تبقى من أعمال أو معالجة ما ظهر من عيوب في تنفيذ المشروع.

فيقوم المالك بإلزام المقاول باستصدار خطاب من البنك يتضمن التزام البنك بأن يدفع للمالك مبلغ معين – غالباً ما يكون مساوياً للدفعة المقدمة المزمع دفعها للمقاول، و ذلك متى طلب المالك تسييل خطاب الضمان بحيث لا يملك البنك رفض تسييل خطاب الضمان لصالح المالك “المستفيد من خطاب الضمان”.

أهمية خطابات الضمان المصرفي

و لخطاب الضمان المصرفي أهمية بالغة في التجارة الداخلية و الدولية علي السواء، فهو وسيلة اطمئنان لتنفيذ الالتزامات و وجود بنك له ملاءة لسداد قيمة خطاب الضمان حالة طلب المالك تسييله و استيفاء قيمته، في ضوء أن الأصل هو خلو خطاب الضمان من الشروط.

و الأصل أن يصرف البنك قيمة خطاب الضمان إلي المستفيد المالك بمجرد إخطار المستفيد للبنك بذلك في المدة المذكورة في خطاب الضمان، إلا أن هناك بعض خطابات الضمان تتضمن شرطاً للصرف مثال ذلك أن يقدم المستفيد ما يدل علي وقف المقاول للأعمال أو إنذار المقاول بالتسييل و مرور فترة معينة.

أنواع خطابات الضمان

و تتنوع خطابات الضمان بحسب الغرض منها، فهناك خطاب الضمان النهائي أو الدفعة المقدمة و الذي سبق الإشارة إليه، و خطاب ضمان الأعمال الذي غالباً ما يرتبط بعقود المقاولات فيقوم المقاول بتقديم خطاب ضمان إلي المالك “المستفيد” يغطى قيمة ما قد يوجد من عيوب في الأعمال المنفذة بحيث يستطيع المالك تسييل الخطاب إذ ما وجد أن هناك أعمال معيبة أو لا تطابق المواصفات المتفق عليها، كما يوجد خطاب الضمان البحري الذي يصدر لصالح وكيل الشحن للإفراج عن البضائع لحين وصول مستندات الشحن الخاصة بتلك البضائع.

و هناك بعض الخطابات تنخفض تدريجياً بقدر الأعمال التي نفذها المقاول، كما هي الحال إذا قدم المقاول خطاب ضمان بمائة مليون جنية و تضمن شرطاً بالتخفيض التدريجي لقيمة خطاب الضمان بحسب الضائع الموردة، فقام المقاول بتوريد بضائع بمبلغ 70 مليون جنية فعندئذ لا يكون للبنك أن يصرف للمستفيد سوى 30 مليون جنية فقط طالما لا خلاف بين المالك المستفيد و بين المقاول حول توريد بضائع بقيمة السبعين مليون جنية.

و لابد أن يطلب المستفيد تسييل خطاب الضمان خلال المدة المحددة في خطاب الضمان فإن إنقضت تلك المدة دون أن يطلب من البنك تسييل قيمة خطاب الضمان فينقضي خطاب الضمان بانقضاء مدته، و يمكن تمديد مدة خطاب الضمان بالاتفاق بين البنك و العميل “المقاول الآمر” و بين المستفيد “المالك” بشرط أن يتم التمديد قبل انتهاء مدة خطاب الضمان.

الخصائص المميزة لخطابات الضمان

و من الخصائص المميزة لخطاب الضمان أن البنك ملزم بتسييله دون اعتبار لأي اعتراض من المقاول الآمر، و دون الاعتداد بأي علاقة تكون بين البنك و بين المقاول الآمر حتى و لو كان المقاول مديناً للبنك، فتنشأ علاقة مباشرة بين البنك و بين المالك “المستفيد” لا ترتبط بعقد الاتفاق المبرم بين المالك و بين المقاول، فالتزام البنك تجاه المستفيد بموجب خطاب الضمان هو التزام مستقل عن أي علاقة أخرى تربط البنك بالمقاول/الآمر، و لا يجوز للبنك بأن يتزرع بأي اعتراض من الآمر للامتناع أو التأخير في صرف خطاب الضمان.

و حال استصدار المقاول لخطاب الضمان من البنك فيقوم البنك بالحصول علي ضمانات لذلك، و لكن لا يلتزم المقاول بدفع قيمة خطاب الضمان للبنك إلا في حالة قيام البنك بصرف قيمة خطاب الضمان للمستفيد.

و يجب أن تتضمن ورقة خطاب الضمان المصرفي اسم البنك و اسم المستفيد و اسم الآمر بشكل واضح و قيمة خطاب الضمان و العملة و مدة خطاب بدايتها و نهايتها و شروط الخطاب إن وُجدت شروط، و عنوان مراسلات البنك مصدر الخطاب لمراسلاته عليها حال طلب المستفيد تسييل قيمة الخطاب، و توقيع موظف البنك و ختم البنك مصدر الخطاب.

و من العرض السابق يمكن القول بأن كل طرف من أطراف خطاب الضمان يحقق فائدة له حيث يحصل البنك علي عمولة لإصدار خطاب الضمان كما يساعد خطاب الضمان الآمر / المقاول علي الحصول علي الصفقة بتقديم خطاب الضمان بدلا عن التأمين النقدي كما أن العمولة التي يدفعها للبنك عن خطاب الضمان تكون أقل من فائدة الحصول علي قرض لتقديم تأمين نقدي، و من ناحية يضمن للمالك / المستفيد الحصول علي تعويض – إن جاز القول – حال عدم تنفيذ المقاول للصفقة وفقا للشروط المتفق عليها، فالجميع فائز طالما التزم كلا منهم بتنفيذ التزاماته المتفق عليها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *